Thursday, May 9, 2013

النيات الصالحة في النفوس الصافية ..!


على قدرها.. ترزقون..
وهي في أصلها وسيلة.. يقبل بها العمل..
وإذا صلحت أصلح الله بها العلانية..
وهي مؤشرٌ نفيس , تجعلنا نرى الأمور بصفاء بل ونتعامل مع بعضنا بهناء , ولها مع الصفاء علاقة وصاحبها نفسه جميلة , ودائماً ماتجعل نظرته الى الحياة إيجابية , وعملها مع نفوس غيرها .. سلس .. مرن .. بناء.
هذه النية الجميلة في تلك النفس الصافية , دائماً ماتسقط إعتبارها لذاتها متى مارأت أن المصلحة تقتضي ذلك ..
كما أنها تزدان بإيثار يعطر علاقتها بالآخر , ودفء جميل يجعلها تحتفظ .. بود الآخر وبمصلحة الآخر وبنجاح الآخر..
هذا الهمس الأخوي لهذه النفس التي نريدها , يستدعي منا ان نتعب في بناءها , كما نجتهد في بناء العقل , إذ ان البناء العقلي بقوالب الثقافة قد تهدمه نكأة نفس أو سقطة ضمير فيظهر عور العقل وطيش الفكر , وعندها قد لايجدي بناءُ عقلي بني في أعوام عديدة قد تفقد خلاله النفس في لحظة , بناءها الجميل الذي يجعلها تثبت في الملمات وتصمد في الأزمات , وتستطيع من خلاله أن تكبح جماحها فتخرج من ضيق أفقها على نفسها , إلى رحب العالم من حولها .. بمصالحه الجماعية.
وقد أثبتت المشاهدات الحياتية من نجاحات جماعية , أن إنصهار تلك النفوس الصافية في قوالب جماعية هو عنوان النجاح الأكبر والأهم , إذ ان النفوس الجميلة تلك , لها من القابلية مايساعدها على تبني التكاتف الجماعي , فا لمصلحة العامة تصهرها في بوتقة الرؤية الجماعية والمصير الجماعي ..!

أما مكمن الداء في الإخفاقات الجماعية , فيكون بغياب الإهتمام بعلاج النفوس من شوائب الصدارة المقيتـة والآنفـة المعيبـة والآنا القاتلـة , إذ أن النفوس التعيسة تلك , لها من القابلية مايساعدها على تبني التفكك الجماعي ,   فا لمصلحة الخاصة تصهرها في بوتقة الرؤية الفرديـة والمصيـر الفردي ..!

وقفـــة:
حتى تكون من تلك النفوس ..
اتبع سياسة الصعود من الأسفل إلى الأعلى ..
فااعمل على ان تصعد بحظوظها .. من قلبك إلى عقلك ..
حتى تصفو النفس .. وتنطفيء الأنا ..
عندها فقط ..
يكون النجاح الجماعي.. هو العنوان.

عندما تتناغم المفاهيم ..!


النغم في أصله طرب , وله مع  الكلام الخفي صلة , وهو في ذاته إيقاع عذب , وفيه دلالة على الأداء بطريقة معينة , اما المفهوم , فيقال مفهوم الشيء , أي مجموع الصفات والخصائص الموضحة لمعناه ومدلوله , ويقال إختلفت مفاهيمهم , أي إختلفت تصوراتهم ومعاييرهم , والتناغم هو التآلف والتجانس والإتساق , فيقال اصوات متناغمة أي متجانسة متسقة ذات إيقاع ..
تلك كانت مقدمة لغوية لابد منها , لإعطاء زخم له معنى لما نريد إيصاله وندعو اليه ..
إذن هو التناغم مانبحث عنه , وهو الذي يأخذنا الى ان نسير بتآلف وتجانس واتساق , ذا إيقاع وبطريقة معينة .. ذاك التناغم يحتاج الى ان تكون المفاهيم التي ندعو اليها ونريد تحقيقها لها صفات وخصائص واضحة نشترك في فهمها وإدراكها , والتناغم قد لايعني بالضرورة ان نسير معاً في ذات الإتجاه أو نسير بنفس الرتم , فقد يختلف رتم السرعة من مسار الى مسار , بل قد نسير في إتجاهات مختلفة ومحطاتنا قد لا تكون ذاتها , ولكن من المهم ان تكون الرؤية واضحة والهدف بين وفق معايير صحيحة وقيم راقية ومنظومة فهم مشتركة , وعندها يكون السير حتى وان كان في اتجاهات متقاطعة بتناغم , قد يأخذنا الى الهدف الأسمى والغاية الأعلى ..
ذلك التناغم يجعلنا نسير بكل هدوء , بل وبإستراتيجة عمل سلسة , أبجدياتها واضحة , ومفاهيمها لها قواسم مشتركة يدركها الجميع , تجعل الكل يتناغم ويتآلف ويتسق ويتجانس عمله مع الآخر حتى يصل كل شخص إلى محطته وغايته .. وبالتالي تتحقق الغاية العظمى للمنظومة الجماعية ..!
دائماً ما ألحظ مثال هذا التناغم عند إستخدام الشارع في الغرب , فدائماً ماتجد له تناغم ساحر , إذ تجد كل من يستخدم الطريق يشترك في فهمه لمنظومة الإستخدام الأمثل للشارع , والذي يتنوع مستخدميه بين سائر على قدميه , وراكب على دراجته الهوائية او الناريه , أو سائق لسيارته , فتجد القوانين مُستوعبة , والغاية واضحة والتي تدعو الى حفظ النفس لكل من يكون له غرض من إستخدام الطريق , ذلك التناغم تجد فيه تقاطعات واتجاهات مختلفة , لكن وحدة المفهوم , جعلت الكل يتناغم ويتآلف ويتسق ويتجانس إستخدامه للطريق مع الآخر حتى يصل كل شخص الى محطته وغايته .. وبالتالي تتحقق الغاية العظمى للمنظومة الجماعية..!

الملافظ سعد!

اللفظ الحسن من علامات الفأل الحسن ، والتفكير باايجاب يفتح افاق للنجاح بعد توفيق الله ، ويأخد العقل الى ابواب موصودة فيجد مفتاحها ومناطق معزولة فيجيد مع الواقع مزجها ، وكم كانت كثير من الاحداث في حياة البشر تحتاج الى قليل جرأة وبعض اقدام فيحجم صاحبها من قولة رماها صاحبها، في دواخلها مرادٌ سيء او اشارةٌ غير محمودة فتلقي بظلالٍ على الافكار وسوادٍ على الاحداث فتجعل الواقع بعيداً عن المنشود..

تلك الالفاظ غير الحسنة فيها تداخل مع التفكير يجعل عقل صاحبها لايرى الا الجانب السيء ، ويحجم عقله حينها من جعل التفاؤل ديدن والايجابية معدن يجعلها سلعته فيتاجر بها مع الله في الحياة ، كيف لا ، والله رب العزة والجلال قال وقوله الحق في الحديث القدسي ؛ انا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ماشاء ...!
يالها من كلمات مشحونة ممزوجة مسبوكة بقمة التفاؤل والنظر الى النجاح من منظور عليّ بحجم الكرم الالهي والعظمة الالهية.

وقفة:
اجعل من حسن الظن تفكير ، ومن التفاؤل نظر ، ومن حسن القول لفظ ، عندها ستشتم النجاح ، وتلمس جمال الحياة! وتكن كجمال ذاك المؤمن الذي وقف متاملاً يرى جمال الحياة!



اغمض عينيك .. صم اذنيك ، وافتح فمك لتحرف الواقع!


الواقع في غالب احيانه يكون من الوضوح بمكان ، فتظهر العيوب والمسالب فيه , وحينها لاتحتاج هذه العيوب الى حديث او كلام فواقع الحال يصف الحال ،  لكن .. ! تظل هناك مجموعة من البشر تأبى الا ان تحرف هذا الواقع وتجعله يزدان بحسنات ليست فيه ، وبإيجابيات ليست منه ، وبخيرٍ هو بعيد عنه.
تلك المجموعة من البشر تظهر وكأن على عينيها عدسات مقعرة تقعر الواقع وتبهت اللون الفاقع , وتأبى إلا ان تُضل الناس بعلم في كثير الأحيان وبغير علم في احايين آخر ..
وتحريف الواقع هذا يكون على جميع الاصعدة والمستويات بل ويكون احيانا بتجزئة المشكلات عبر تسليط الضوء على الجزء وصرف النظر عن القضايا الكبرى والمحورية فيأتي الحديث هنا عن قضايا هامشية وفرعية لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهي في اصلها ناتجة عن قضية كبرى يدور عليها لغط كبير واختلاف عظيم ..
وعن هذا يقول باولو فرير وهو فيلسوف برازيلي من المنظرين لحالة الانسان المقهور : " إن إحدى السمات المميزة للعمل الثقافي القمعي، والتي لا يدركها المتخصصون والمخلصون والسذج وحتى المشاركون في النشاط الدائر في آن معا، هي التأكيد على النظرة التي تحصر المشكلات في بؤر Focalized View بدلا من رؤيتها بوصفها أبعادا لكلٍّ واحد."
والامر قد يكون مفهوم عندما تمارس القيادات والزعامات هذه السياسات لأغراض ديمومة تبحث عنها ، مستغلة حالة القهر التي يمارسونها على الإنسان فتمارس أليات القهر بكل أريحية ..
وكذلك لا عجب ان يمارس الاعلام هذا الدور فهو انعكاس لسياسات القيادات ..
اما غير المستساغ عندما يمارس الافراد هذه السياسة فيلمعون الظواهر بخلاف حقيقتها وجوهرها ومافيها ، كما يعملون على لفت الإنتباه الى قضايا هامشية وامور ثانوية جلها ولو حُلت فلن يتغير شيء , فالقضايا الشائكة لاتزال عالقة , ومايختلف عليه سيظل قائماً , والضرر الأكبر سيكون باق ,   وللأسف جل هؤلاء الأفراد قد تحركهم مصالح واهواء فيكونون كالبوق يهرف بما لا يعرف ويهذي بما لايدري! 
ناهيك ان المصيبة تكون اكبر عندما يأتي من يمارس تحريف الواقع عبر إظهار السهل بشكل صعب وتعقيد الهين وذلك بغرض التقليل من الاخرين , بل واظهار مكانة علمه مقابل جهالة المقابل فيشعر هذا المقابل بضألته وبنوعٍ من رهبة فيتراجع ويحجم تاركاً المجال لهذا الذي يعمل على تقزيم الاخرين ، وقد يكون من يمارس هذه السياسة هو فعلاً صاحب عملقة لها وزنها وقدرها لكنه لم يجعل الاخرين هم من يبرزونه بل اتكأ على متكأ التقليل منهم حتى يصعد استناداً الى ضعف قدرات فيهم قد يكون فعلاً ، جاعلاً التشجيع لهم بعيداً عن نصب العين ، فيسلط الضوء على الضعف, فيظهر هو ويأفل ضوء الاخرين! 

وقفة:
عُرف عن ستيف جوبز تحريف الواقع لكنه في الحقيقة جعل واقعنا اجمل ..
فهل من يحرفون واقعنا اليوم جعلوه اجمل!!؟

هل جربت ان تقيس نَفَسْك!؟

هل نفسك طويل ام قصير!؟
نعم هي سياسة النفس الطويل ، تلك السياسة التي تقوم ادواتها على مباديء مهمة تجعل الغاية الهدف نصب العين ، فيراها الانسان ولا يحيد عنها ، فحواها التركيز وجوهرها الصبر ، وعاداتها الهدوء والبعد عن ردات الافعال.

تلك السياسة تنتهجها بعض الدول و تتبعها فى ادارة تحدياتها سواء كانت اقتصاديه او سياسيه او حتى عسكريه وتعتمد اعتمادا كبيرا على الصبر وانتهاج استراتيجيات طويلة المدى لتحقيق الاهداف وعدم الاندفاع او الانجرار وراء ردود الفعل السريعه .. وما يقال عن الدول ينطبق على الاشخاص.

فنحن نجد كثير من تلك الدول التي تعلم ماذا تريد تمارس السير بهدوء وروية نحو الهدف الذي تريد وهو الذي في اصله بينٌ واضحٌ في حياتها وقد تتناقله الاجيال جيلاً بعد جيل ، لايصدها عن تلك السياسة اي مشتتات تكون على هوامش الطريق ، حتى تصل الى الاهداف وحينها تكون الانجازات بشكل مختلف!

اما ماعداها فهي دول تهيم مع من يهيم وتحركها الاهواء بل وتظل تخسر وتخسر وتشيخ فيها الامكانات وتذبل لان عدم وضوح الهدف فيها واضح والسياسات معدومة وردود الافعال هي الرتم وحينها لا تصل الى الاهداف ، وحينها تقف الانجازات في المنتصف!

سياسة النفس الطويل سياسة نفسية نفيسة وتطبيقها على مستوى الافراد والمجموعات والجماعات والدول تحمل في طياتها الخير الكثير ، فهل نحلم بتبنيها وننشد في حياتنا تطبيقها!!؟

وقفة :
إجعل نَفَسْك طويل!!

Wednesday, May 8, 2013

كل يوم أحسن من اليوم الذي قبله!

التحسين المستمر فلسفة إدارية يابانية فيها دعوة دائمة الى العمل بشكل مستمر على إدخال تحسينات صغيرة كانت ام كبيرة في المنتجات والإجراءات وطريقة العمل شريطة ان تكون هذه التحسينات مستمرة , وهذه الفلسفة هي جوهر إدارة الجودة الشاملة , وهي فلسفة تساعد على التكيف المستمر مع المتغيرات التي تحدث في السوق وبالتالي تساعد المنظمة على ان تكون دائماً في حالة يقظة و وعي تأخذ بها الى منافسة دائمة ومستمرة , وبالتالي تكسب رضا الزبون الإنسان!
هذه الفلسفة تجعل من البحث عن الإتقان رؤية , والقرب من حالة الكمال غاية , وهي في ذاتها لها مباديء , تتمثل في التالي ,
- تحديد أهداف التحسين
- تحديد متطلبات التحسين المادية والبشرية على شكل خطة عمل (تخطيط التحسين).
- توفير الدعم الدائم والمستمر من قبل الإدارة العليا.
- تشكيل لجنة عليا لتنسيق عمليات التحسين.
- تشكيل فرق التحسين وتحديد سلطاتها ومسؤولياتها.
- جعل قنوات الاتصال مفتوحة أمام كل من يعمل في مجال التحسين.
- التحفيز الدائم والمستمر للعنصر البشري.
ونحن في سيرنا في هذه الحياة الدنيا , نبحث عن خط مستقيم يأخذ بنا الى رضا الله عزوحل والفوز بالجنة , والدعوة صريحة من رب العزة والجلال في كتابه الكريم , عندما قال في محكم تنزيله : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ), ذاك الإبتلاء الذي يريد من الإنسان ان يكون في حالة تفاعل مع الحياة حتى يكون الأحسن , وليس بالضرورة الأكثر.
ذلك الإبتلاء فيه دعوة لنا الى ان نتبنى نحن المسلمون هذا المبدأ الياباني على النحو الشخصي فنجعل منه ومن مبادئه خطوات تحتذى تجعلنا نكون دائماً في حالة يقظة ووعي تأخذ بنا الى منافسة دائمة ومستمرة , وبالتالي نكسب رضا العزيز الرحمان!
إذن الا نستطيع ان نحور هذه المباديء المذكورة أعلاه حتى تكون قابلة للتطبيق على المستوى الشخصي!!؟
وقفة:
إجعل من التحسين المستمر اسلوب حياة!

عندما تكون القيم محور للتنمية!


الحضارات عبر التاريخ كثيرة ، والتنمية في بعضها كان لها شأواً عظيماً ، تلك الحضارات والتنمية فيها كانت لها ركائز ترتكز عليها ونقاط قوى تدور في أفلاكها .. جعلت من تلك الحضارات منارات كبرى واعلام عظمى ، وان  تمعنا في تلك الحضارات والتنمية فيها لرأينا ان القادة كانوا مصدر الهام ومرتكز قوى ومنطقة جذب يدور حولها البشر فتحشدهم الى المستقبل المنشود ، تلك القيادات تعتبر ركن ركين في اي عمل تنموي ينشد الاثر على ارض الواقع ..  لكني هنا لست بصدد الحديث عن القيادات ، بل اريد ان اطير بكم الى بعدٍ مهم في التنمية ، وهي القيم او المرتكزات التي تستند عليها التنمية فتدور في فلكها وتسعى لتحقيقها في حياة البشر. والمتتبع لحياة الحضارات والتنمية المستدامة فيها لرأى ان منظومة الحياة فيها تدور في محصلتها النهائية على مجموعة قيم ، فتكون الانظمة والتشريعات والقوانين تسعى الى ضبط هذه القيم وتحفيزها وتشجيعها والعمل بلاهوادة على جعلها (اي القيم) ظاهرة جلية في المجتمعات..
وان كان لنا ان نعرج على التاريخ فنبدأ من حضارتنا الزاهية ابان خلافة الفاروق رضي الله عنه ، فنجد ان عمر كانت لديه قيم مهمة يعمل على تطبقيها عبر انظمة وتشريعات وقوانين تكفل له وتيسر عليه جعل هذه القيمة مطبقة في حياة البشر ، فكانت قيم العدل والتواضع والامن والإنصاف وغيرها من القيم الثابتة في حياته ، فكان عندما يعين او يقيل يدور في فلك قيمة معينة , وفي تعامله مع أهل الذمة له موقف مهم في التاريخ عندما مر بشيخ من أهل الذمة يسأل عند أبواب المساجد بسبب الجزية والحاجة والسن، فقال ما أنصفناك إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك، ثم ضيعناك في كِبرك، ثم أجرى عليه من بيت المال ما يُصلحه، ووضع الجزية عنه، وعن ضربائه أمثاله , وله عبارة مشهورة : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهم أحراراً.
أما في حياتنا الان نجد ان القيم شعارات فقط , حتى ماكان مرتبط منها بصميم الدين , كذاك المقصد المهم من مقاصد الشريعة وهو مقصد حفظ النفس  والذي يحرم كل ما يلقي بها إلى التهلكة.. فنجد ان التشريعات والأنظمة والقوانين التي تجعل من هذا المقصد ركيزة في حياة الناس غائبة تماماً , ولك ان تمعن النظر في الطب وإستخدام الشارع سواء كنت سائقاً او على قدميك سائراً لترى مااعنيه ونعانيه , فلاعجب إذن ان تجد رائحة الموت في الشوراع والمستفيات فاائحة , حتى التنمية .. ميتة!
في المقابل , وفي تلك الدول والتي نسميها المتقدمة , تدور التنمية فيها في فلك القيم , فتجد الحياة العامة برمتها سائرة في تناغم ملموس لتجسيدها على ارض الواقع , فإذا اردت ان تحصل على رخصة قيادة او تمارس مهنة الطب مثلاً , تجد لديك قيمة حفظ النفس ظاهرة , ولها من القوانين مايجعلها مائلة .. فلاعجب إذن ان تجد رائحة الحياة فيها فائحة , حتى التنمية .. قيّمة!

نحو قيم مُعاشة ..!


دائما ماتبرز المقارنات بين واقع الحياة المعاش في عالمنا العربي والعالم الغربي , وهذه المقارنات إما أن تكون متحاملة على الواقع العربي ,او مجاملة له داعية الى عدم النظر الى الغرب بهذه النظره كون هذا من باب الفتنة بقوم ليسوا بمؤمنين , وبين هذا وذاك  ... يبرز لدينا واقع لابد ان نعترف به ونقر بوجوده خصوصا إذا مارأيناه سلباً في حياتنا وإيجاباً في حياتهم , هذا الواقع يرتبط باالقيم واهميتها وممارستها ومراقبتها , وهذا الواقع الذي سنتكلم عنه يجبرنا ان نضعه في الإعتبار خصوصاً إذا علمنا ان هذه القيم هي من أصول ديننا ويدعو اليها إسلامنا ..
ونحن عندما نتحدث هنا عن القيم وألية تطبيقها لا نريد ان يكون حديثنا بهرجة وفرحة بالحياة الغربية .. ولكن نريد تسليط الضوء على ممارسات هذه القيم وكيفية جعلها نسيج مترابط في المجتمع تشعر بتناغم الحياة فيه , فعندما نتحدث عن قيمة كقيمة النظافة المجتمعية وتتكرر على مسامعنا شعارات لها تحفزنا الى ممارستها على نحو( النظافة من الإيمان) , تجد هذه النظافة قد تكون واضحة جلية على مستواها الشخصي لكنها على المستوى  المجتمعي تجدها قيمة تزين جدران المدارس وصفحات الكتب , فلا  نجدها واقعا نحياه وقيمة نمارسها , ويحضرني في هذا السياق ان زار جدة ابن قريب لي .. طفل لم يتجاوز الثامنة من عمره ولد وعاش في دولة غربية .. وهو يسير في شوارع جدة صدم! بالطبع لم تصدمه الحضارة! بل صدمته عدم النظافة! فاأخذ وهو يسير في شوراعها يتسأل مستغرباً ! ماهذا؟! ولماذا!؟ وكيف ولما؟ وأخذت الأسئلة تتردد والإجابات حائرة والضحكات منا متبادلة ولا رد واضح  يجيب الحيرة ويزيل الدهشة! هذه القيمة التي تعلمها هذا الطفل في تلك البلد شكلتها 3 محاور مهمة : فهناك جهة ترعى هذه القيمة وتنميها ولنقل انها المدرسة ومعها الأسرة او العكس , وهناك قدوة تجسدها على ارض الواقع فوالده ووالدته ومن حولهما يمارسها , بل ايضا الشارع ومن فيه يجعل من هذه القيمة نصب العين وطوع الممارسة , وثالث هذه المحاور جهة رقابية تساعد وتوجه وتعاقب من نكص على العواقب وتغرم من تخلف بالمخالفة !
وعن هذه القيمة في واقعنا تحدث احمد الشقيري في احدى تغريداته في تويتر قائلاً متسائلاً! :  (عندما يقوم شاب برمي المخلفات في السلة فيقول له صاحبه : بلا فلسفة ،، مسوي نفسك شاطر !!...ما سبب هذه النفسية في رأيكم ؟! ) .. والتعليق لكم!
وننتقل الى شعار آخر نردده كثيرا والممارسة غائبة! فنقول : القيادة فن وذوق وأخلاق .. لكنها ايضا على الورق والتطبيق غائب والبرهان في شوراعنا! , وتجد في المقابل لدى الغرب انك تشعر وان تتعلم قيادة السيارات أنها مهارة! نعم مهارة لها ثقلها وأهميتها ولها أخلاق وقيم لابد ان تمارس وتطبق حتى تحفظ حياة البشر بإذن الله  ,أضف الى ذلك ان الحصول على رخصة القيادة له برنامج طويل قد يصل الى 6 أشهر! (أما عندنا فتحصل على الرخصة بمجرد ماتلبق السيارة صح)! وتجد كذلك وانت في سيرك الى تعلمها أن اول مبدأ تتعلمه ان الشارع ملك للجميع وان هناك حق عليك لكل مستخدم للطريق من سائرعلى قدميه مرورا بصاحب الدراجة وإنتهاءً بالطبع بسائق السيارة! والأمثلة حية في ان كثير ممن يأتي من الغرب لايتأتى له مما يرى ان يتجرأ في ان يستخدم سيارة يسير بها في شوارعنا!
ولابد لنا من ان نعرج أخيراً على القيم التي تتبناها الشركات فتراها تزين مكاتب كبار مدرائها وحتى صغار موظفيها ,خصوصا تلك القيم التي تتعلق بخدمة العملاء او المتعاملين لكنها أيضا بلا ممارسة! , ولي تجربة مثيرة مع أحد البنوك الكبرى في جدة لا يتسع المجال لذكرها لكن مختصرها اني ترددت على هذا البنك مدة اسبوع ونيف والى لحظة كتابة هذا المقال لم تحل المشكلة , والمشكلة ليست في الحل من عدمه لأنها من وجهة نظري ليست بمشكلة تستحق هذا العناء الذي اتكبده, ولكن المشكلة في التجاهل والذي تشعر في بعض لحظاته انه متعمد تجاه العملاء وبااحتراف!
وأختم حديثي هذا بعبارات عميقة الدلالة بالغة المعنى تختصر ماسطرته أعلاه , دبجها الدكتور جاسم السلطان في كتابه القيم (التفكير الإستراتيجي .. والخروج من المأزق الراهن) , يقول الدكتور جاسم :
(إن القيم لا تترسخ بمجرد تعيينها ومعرفة أهميتها, بل هي تترسخ بأن ترعى , وتتم مراقبة الإلتزام بها, والمحاسبة على التخلف عنها. فالفرد الذي تربى في بيت يحرص على النظام ويشيع قيمته قد يكبر ثم يدخل المجتمع, فإذا كان المجتمع لايلتزم بالنظام, لنقل مثل أخذ الدور لركوب الحافلة بل يقفز الجميع للركوب, على حساب الغير وحقه, فلن يطول الزمن بصاحبنا حتى يمارس نفس السلوكيات ويتخلى عما تعلمه في محضنه التربوي. فالقيم بحاجة الى رعاية ومصاديق وصور تنفيذية على الأرض, حنى تترسخ وتؤتي ثمارها, وإلا فما أكثر مانسمعه عن القيم والتوصية بها, وقديماً قيل لعمر بن الخطاب : (عففت فعفوا, ولو رتعت لرتعوا) . فلما تجسدت القيمة في واقع تطبيقي في القدوة وفي الرقابة على تطبيق القيمة – وهو الأمر الذي قام بفعله عمر- ترسخت القيمة وثبتت).