Wednesday, May 8, 2013

عندما تكون القيم محور للتنمية!


الحضارات عبر التاريخ كثيرة ، والتنمية في بعضها كان لها شأواً عظيماً ، تلك الحضارات والتنمية فيها كانت لها ركائز ترتكز عليها ونقاط قوى تدور في أفلاكها .. جعلت من تلك الحضارات منارات كبرى واعلام عظمى ، وان  تمعنا في تلك الحضارات والتنمية فيها لرأينا ان القادة كانوا مصدر الهام ومرتكز قوى ومنطقة جذب يدور حولها البشر فتحشدهم الى المستقبل المنشود ، تلك القيادات تعتبر ركن ركين في اي عمل تنموي ينشد الاثر على ارض الواقع ..  لكني هنا لست بصدد الحديث عن القيادات ، بل اريد ان اطير بكم الى بعدٍ مهم في التنمية ، وهي القيم او المرتكزات التي تستند عليها التنمية فتدور في فلكها وتسعى لتحقيقها في حياة البشر. والمتتبع لحياة الحضارات والتنمية المستدامة فيها لرأى ان منظومة الحياة فيها تدور في محصلتها النهائية على مجموعة قيم ، فتكون الانظمة والتشريعات والقوانين تسعى الى ضبط هذه القيم وتحفيزها وتشجيعها والعمل بلاهوادة على جعلها (اي القيم) ظاهرة جلية في المجتمعات..
وان كان لنا ان نعرج على التاريخ فنبدأ من حضارتنا الزاهية ابان خلافة الفاروق رضي الله عنه ، فنجد ان عمر كانت لديه قيم مهمة يعمل على تطبقيها عبر انظمة وتشريعات وقوانين تكفل له وتيسر عليه جعل هذه القيمة مطبقة في حياة البشر ، فكانت قيم العدل والتواضع والامن والإنصاف وغيرها من القيم الثابتة في حياته ، فكان عندما يعين او يقيل يدور في فلك قيمة معينة , وفي تعامله مع أهل الذمة له موقف مهم في التاريخ عندما مر بشيخ من أهل الذمة يسأل عند أبواب المساجد بسبب الجزية والحاجة والسن، فقال ما أنصفناك إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك، ثم ضيعناك في كِبرك، ثم أجرى عليه من بيت المال ما يُصلحه، ووضع الجزية عنه، وعن ضربائه أمثاله , وله عبارة مشهورة : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهم أحراراً.
أما في حياتنا الان نجد ان القيم شعارات فقط , حتى ماكان مرتبط منها بصميم الدين , كذاك المقصد المهم من مقاصد الشريعة وهو مقصد حفظ النفس  والذي يحرم كل ما يلقي بها إلى التهلكة.. فنجد ان التشريعات والأنظمة والقوانين التي تجعل من هذا المقصد ركيزة في حياة الناس غائبة تماماً , ولك ان تمعن النظر في الطب وإستخدام الشارع سواء كنت سائقاً او على قدميك سائراً لترى مااعنيه ونعانيه , فلاعجب إذن ان تجد رائحة الموت في الشوراع والمستفيات فاائحة , حتى التنمية .. ميتة!
في المقابل , وفي تلك الدول والتي نسميها المتقدمة , تدور التنمية فيها في فلك القيم , فتجد الحياة العامة برمتها سائرة في تناغم ملموس لتجسيدها على ارض الواقع , فإذا اردت ان تحصل على رخصة قيادة او تمارس مهنة الطب مثلاً , تجد لديك قيمة حفظ النفس ظاهرة , ولها من القوانين مايجعلها مائلة .. فلاعجب إذن ان تجد رائحة الحياة فيها فائحة , حتى التنمية .. قيّمة!

No comments:

Post a Comment