Thursday, May 9, 2013

اغمض عينيك .. صم اذنيك ، وافتح فمك لتحرف الواقع!


الواقع في غالب احيانه يكون من الوضوح بمكان ، فتظهر العيوب والمسالب فيه , وحينها لاتحتاج هذه العيوب الى حديث او كلام فواقع الحال يصف الحال ،  لكن .. ! تظل هناك مجموعة من البشر تأبى الا ان تحرف هذا الواقع وتجعله يزدان بحسنات ليست فيه ، وبإيجابيات ليست منه ، وبخيرٍ هو بعيد عنه.
تلك المجموعة من البشر تظهر وكأن على عينيها عدسات مقعرة تقعر الواقع وتبهت اللون الفاقع , وتأبى إلا ان تُضل الناس بعلم في كثير الأحيان وبغير علم في احايين آخر ..
وتحريف الواقع هذا يكون على جميع الاصعدة والمستويات بل ويكون احيانا بتجزئة المشكلات عبر تسليط الضوء على الجزء وصرف النظر عن القضايا الكبرى والمحورية فيأتي الحديث هنا عن قضايا هامشية وفرعية لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهي في اصلها ناتجة عن قضية كبرى يدور عليها لغط كبير واختلاف عظيم ..
وعن هذا يقول باولو فرير وهو فيلسوف برازيلي من المنظرين لحالة الانسان المقهور : " إن إحدى السمات المميزة للعمل الثقافي القمعي، والتي لا يدركها المتخصصون والمخلصون والسذج وحتى المشاركون في النشاط الدائر في آن معا، هي التأكيد على النظرة التي تحصر المشكلات في بؤر Focalized View بدلا من رؤيتها بوصفها أبعادا لكلٍّ واحد."
والامر قد يكون مفهوم عندما تمارس القيادات والزعامات هذه السياسات لأغراض ديمومة تبحث عنها ، مستغلة حالة القهر التي يمارسونها على الإنسان فتمارس أليات القهر بكل أريحية ..
وكذلك لا عجب ان يمارس الاعلام هذا الدور فهو انعكاس لسياسات القيادات ..
اما غير المستساغ عندما يمارس الافراد هذه السياسة فيلمعون الظواهر بخلاف حقيقتها وجوهرها ومافيها ، كما يعملون على لفت الإنتباه الى قضايا هامشية وامور ثانوية جلها ولو حُلت فلن يتغير شيء , فالقضايا الشائكة لاتزال عالقة , ومايختلف عليه سيظل قائماً , والضرر الأكبر سيكون باق ,   وللأسف جل هؤلاء الأفراد قد تحركهم مصالح واهواء فيكونون كالبوق يهرف بما لا يعرف ويهذي بما لايدري! 
ناهيك ان المصيبة تكون اكبر عندما يأتي من يمارس تحريف الواقع عبر إظهار السهل بشكل صعب وتعقيد الهين وذلك بغرض التقليل من الاخرين , بل واظهار مكانة علمه مقابل جهالة المقابل فيشعر هذا المقابل بضألته وبنوعٍ من رهبة فيتراجع ويحجم تاركاً المجال لهذا الذي يعمل على تقزيم الاخرين ، وقد يكون من يمارس هذه السياسة هو فعلاً صاحب عملقة لها وزنها وقدرها لكنه لم يجعل الاخرين هم من يبرزونه بل اتكأ على متكأ التقليل منهم حتى يصعد استناداً الى ضعف قدرات فيهم قد يكون فعلاً ، جاعلاً التشجيع لهم بعيداً عن نصب العين ، فيسلط الضوء على الضعف, فيظهر هو ويأفل ضوء الاخرين! 

وقفة:
عُرف عن ستيف جوبز تحريف الواقع لكنه في الحقيقة جعل واقعنا اجمل ..
فهل من يحرفون واقعنا اليوم جعلوه اجمل!!؟

No comments:

Post a Comment